الخميس، 16 أبريل 2009

مقدمه لاخر اعمال القاص حسين خليفه شفاه الله

"‬إلي شجرة دوم تأخذني‮.. ‬من قبر‮ (‬أبي‮- ‬أمي‮ ‬_‮ ‬أخي‮ ‬_‮ ‬أختي‮).. ‬وتبعث‮ (‬في روحي‮) ‬الحياة بجذورها‮.. ‬الضاربة في تربة مقابر طيبة‮.. ‬وفروعها المثمرة والتي تسكنها‮.. ‬عصافير خضراء‮" ‬هكذا يهدي الكاتب حسين خليفة كتابه‮ "‬بيني وبينك مواعيد كثيرة‮" ‬الصادر مؤخرا عن دار الحضارة‮. ‬في المجموعة رائحة قوية،‮ ‬ربما تكون هي رائحة الأقصر التي ولد فيها الكاتب،‮ ‬أو ربما الجنوب بشكل عام،،‮ ‬وهي الرائحة التي أتت لتعبق الكتاب كله،‮ ‬سواء في الغموض الذي يلجأ إلي الكاتب،‮ ‬والتعتيم المتعمد للتفاصيل لتبدو أكثر سحراً،‮ ‬أو في التهويم،‮ ‬الذي عرفناه من كتاب جنوبيين آخرين مثل يحيي الطاهر عبد الله الآتي من جنوب مصر وماركيز الآتي من جنوب العالم‮. ‬يحكي خليفة في قصة‮ "‬المراويدي‮" ‬عن الحرائق التي شبت في بيوت حارة من حارات النجع،‮ ‬وكأنه يتحدث عن الحرائق التي تجتاح حياتنا الآن‮ (‬وهي سمة من سمات الفانتازيا،‮ ‬أي قدرتها الدائمة علي أن تعد نبوءة‮)‬،‮ ‬ويحكي عن المراويدي القادر علي إطفاء الحرائق‮: "‬دخل المراويدي النجع من حارة الحرائق،‮ ‬فخمدت النيران‮. ‬خشيت القبيحات أن تتردد شائعة جديدة تقول‮: ‬أن مصدر الحرائق هو قبحهن الذي طار من صدورهن مشتعلا،‮ ‬فقبعن في بيوتهن يطالعن المرايا بوجوه كالحة‮". ‬الفانتازيا هنا لا تكمن في تفصيلة بعينها،‮ ‬إنها كامنة في القانون الكامل للحياة التي يكتبها خليفة‮.‬‮"‬رقصة أم أحمد‮" ‬هي قصة أخري نلمح فيها ليس الفانتازيا هذه المرة وإنما الاحتفاء بالسحر وبالرقص‮: "‬طبلت أم أحمد بقعر كوب زجاجي علي ترابيزة،‮ ‬يعتليها إناء زجاجي كبير مملوء بالماء المذاب فيه الحلو والمر‮. ‬كانت تطبل بارتخاء شديد في أماكن متفرقة‮.. ‬بدأت بالغناء لترتقي بالإيقاع‮." ‬والخطر الذي يتهدد الرقصة يأتي من مكان آخر،‮ ‬من كلام المثقفين الذي يردده العم جاد مثل‮: "‬الدنيا دلوقتي قرية واحدة‮. ‬تساءلت مندهشة‮: ‬مين وحدها؟ رد العم جاد‮: ‬الطائرات،‮ ‬التليفزيونات،‮ ‬أمريكا‮". ‬شيء شبيه بهذا يحدث في قصة‮ "‬يا ساقية دوري‮"‬،‮ ‬والرقصة هنا هي رقصة الساقية ورقصة الناس حولها بالمناجل،‮ ‬وهناك الخطر أيضاً‮ ‬في نفس القصة،‮ ‬والذي يأتي هذه المرة من الصيحة المترددة‮: "‬لما ياجي الريس بلدنا كيف تستقبله‮".‬الغناء واحد من أهم عناصر الكتاب،‮ ‬الغناء الذي يأتي هنا بعفويته وإباحته المستترة أحيانا ليشكل دليلا علي عنفوان الحياة الجنوبية،‮ ‬مثلما في الأغنية التي يقتبسها الكاتب في قصة‮ "‬الجميلة‮.. ‬جميلة‮": "‬يا‮ ‬غوايش كرمله‮/ ‬يا‮ ‬غوايش نص الليل‮/ ‬جابلي النيشان‮/ ‬من إسنا‮/ ‬قلت له بكام‮/ ‬يا عريسنا‮/ ‬قاللي الحساب‮/ ‬نص الليل‮).‬

0 اكـتب تــعليــقـك على الموضوع:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك بدون تسجيل