الأربعاء، 18 فبراير 2009

شتاء لمملكة الغيوم ...الحسين خضيرى مهداه للشاعر محمد جاد المولى

غيمة ًَ غيمة ً
تحط القصائد ُ في راحتك
فرس ٌخيالك في المدى
و الصدى أنّتك
فرُدّ الغيوم إلى مقلة ٍ
تعد النجوم إلى أوبتك
تخبئ للملتقى وردها



و تتلوك وِردا ً في ليل ِ عرس
رأيتك يا صاحبي
على مفرق الحلم و الذكريات
********
ما كنت أحسبنا على
أرق المدينة نلتقي
فتزج بك
نحو الذي لا تشتهي
أو أُختلس
يا ذا الذي شقت قصيدته جوى ً
من بين عيني الحبيبة شارعين
فانساب بينهما زحام
راح يتبعه العسس
شغف بنانا
راح يسرق توت وقتك
هل جنّ ليلك في سماها
كي تنتقيه و يلتمس
ذات شمس
في عطر جدتك القديم تركتَ قلبك
ظلا ً على شوارعنا القديمة ِ
ماذا سيفعل ذا الشتاء
بقصيدة ٍ تختال في زهو الكتابة
و بغابة الزيتون في عيني نانا
شوق يطل إليك من غاباتها
فرسا ً يطارده فرس

قصيده رائعه للشاعر والصحفى الاقصرى السيد العديسى



كل التعليقات..
اللي بتصاحب خروج الروح
الوَحشه...
اللي ف عيون الحريم
نهيج جزمتك...
وانت بتحاول تسبق الخشبه
وحتى رعشة إيد المغِسل
وهى بتطفي النور
كل دي صور قديمه
بتلونك وانت ماسك البرواز
بشويش إيديك
تتمطع ع الشرخ
القاسم قزازه
وحاضن يا دوبك...
ربع غبار المحيط
لا الميه البيضه كانت حاجز
بين نظرته وجلدك
ولا سكوته فك خيوط صورتك
من أول رجلك ما داقت الأسفلت
وانت بتُبدر فيك قرار
كان نفسك ساعتها
تفضح عيونه المتعلَّقه ف ضهرك
تشدك قساوة البرواز
الملامح الجامدة...
العبايه اللي بهتت
تكشيرة العِمّه
وقفته قدام الكاميرا
وحاجات كتير بتخلي بدنك يقشعر
من غير لزوم
كانت إيديه بتطول رقبتك
حتى فوق صدر البنات
على طول وشك
بيجري ع الكرباج
والركن المزنوق
بين الجدار والدكه
إحساسك بالقهر..
لحظة ما بتوقع عينيك ع الأرض
ودموعك نازله..
بتغسل عرق السفر
تتفاجئ بالسكون القديم
اللي حابسه العنكبوت
فترجّع البرواز
على نفس المسمار اللي صَدَّى
تطَلّع آخر سيجارة "مارلبورو"
تأجل توليعها
وتْدَوَّر في دماغك
يا ترى..
لسه حافظ معالم السكه.

فى المغربيه ..... قصيده بقلم محمد عبداللطيف الصغير




فى الـمغربيه


الشمس بتخطف الضـحكه


من ع الــبـيوت


وتدارى فى كـف اللـيل


فى انكــسارها


لو تـميل


على خـدك


راح تنعــكس


على كـل وش جـميل


وتفـوت


ياشـمس زى حبيـبتى


كنـتى بنـت بـنوت


الثلاثاء، 17 فبراير 2009

مقال عن حجاج ادول بقلم فؤاد جويلى فى جريدة العربى


حجاج أدول الكاتب المصرى الذى نعرفه ليس خائناً لوطنه، ولكنه دخل نفقاً مظلماً كئيباً،ونحن إذ نواصل فتح هذا الملف نستشف أخطاراً قد تقبل وتعصف بمستقبل هذا الوطن، فحجاج حينما تحدث باسم النوبيين فى مؤتمر الأقليات المشبوه فى واشنطن، ربما لم يكن يعرف أن النوبيين أنفسهم يرفضون ما جاء فى بيانه، ولعله الآن يعرف أنه يمشى فى طريق والنوبة المصرية تمشى بأهلها تمشى فى طريق آخر. النوبة التى أخرجت حكمة لقمان الحكيم، والتى اتخذت من لغتها سلاح المخابرات الحربية المصرية، شفرة المعارك فى حرب 73، والتى خرج منها جنود مصر البواسل ككتائب فى الجيش المصرى فى كل العصور، والتى خرج من فنها وأدبها وموسيقاها حمزة علاء الدين، ومحمد منير ومختار جمعة وإدريس على، ومحيى الدين الشريف وحسن نور وأحمد منيب، وحجاج أدول - رغم الهوة السحيقة التى يصر على أن يقف فوق شفيرها - هذه النوبة خرج منها الآلاف مضحين بالمنازل والمزارع و الذكريات، وقبور الأسلاف لأجل وطنهم الأكبر مصر. وكان هذا النزوح المنظم وغير المسبوق لأكثر من 16500 أسرة، هو من المشاريع الكبيرة التى لا تقل ضخامة عن بناء السد العالى،ولكن هذا النزوح مثله مثل أى إنجاز كبير، كانت عليه بعض السلبيات التى اتخذ منها أدول سبباً، فى تحقيق شهرة زائفة على حساب وطن حارب هو من أجله فى يوم من الأيام. نعرض هنا لأصوات نوبية فى الأقصر ترفض ما جاء على لسان أدول كما يكشفون لنا عن محاولة اختراق أجنبية حدثت فى النوبة المصرية، حدثت فى الثمانينيات إلا أن جهود الأمن القومى المصرى ويقظة أصحاب القلوب العامرة بحب مصر، من أبناء النوبة هى التى أفشلت هذه الاختراقات. فى البداية يعرض حسين شحات بركات أحد شيوخ النوبيين فى الأقصر قصة التهجير بما فيها من سلبيات و إيجابيات فيقول.. بدأ التهجير فى دابود عام 1963 ثم من بعدها سائر القرى 49 قرية ومن كان يقيم إقامة كاملة فى منطقة النوبة قبل التهجير أعطته الدولة بيتاً فى مقابل بيت ,وأرضاً فى مقابل أرض، كما أعطت أيضاً منازل للمغتربين الذين يثبتون أن لهم منزلاً حقيقياً فى قرى النوبة حتى ولو لم يسكنه أحد. أما التعويضات فقد كانت الدولة تعطى نصف التعويضات لمن لم يأخذ بيتاً.. على أنها تمنحه بيتاً بعد ذلك فى مراحل مقبلة وعلى هذا الأساس تم بناء البيوت، حتى نظام التسكين نفسه كان يخضع لمراحل جغرافية ويبدأ مع المهجرين أولا بأول. ونحن الآن فى انتظار تسكين المرحلة الثانية - أى النوبيين الذين يسكنون فى محافظة قنا- وقد قمت باتخاذ الإجراءات المعروفة، وقدمت أوراقاً تثبت أننى خرجت على المعاش، وأريد العودة والإقامة مع أقاربى فى دابود، وقد تم بناء 550 بيتاً فى هذه المرحلة، وأنا فى انتظار بيتى الذى يحمل فى الكشوف رقم 582 وقد بدأوا فعلا فى البناء. ويستعرض حسين شحات بعض الحقائق فيقول.. التعويضات فى الحقيقة كانت ضئيلة،ولكن للأمانة فبيوت النوبة الجديدة ليست كلها سيئة، فمثلاً البيوت فى دابود وكلابشة وأمير كاب جيدة، لأن الأرض التى أقيمت عليها جيدة، وقد ارتفعت فيها بعض المنازل لثلاثة أدوار،ولكن هناك مدن أقيمت على أرض غير صالحة للبناء، كما أن بعض مشاكل البناء تعود إلى ضمائر المقاولين الفاسدين مثل بيوت ناصر وتوشكى، فهى من دور واحد ومع ذلك تتشقق جدرانها وتنهار. ويستطرد الشيخ النوبى: ولكن هذه المشاكل ليست من النوع الذى يطرح دولياً فأنا عندما يكون عندى مشكلة أشكو لأخى ثم لابن عمى ولا أذهب أبداً للغريب، واقول لأدول : عيب.. فنحن مثلنا مثل أى مواطنين مصريين فكما توجد السلبيات توجد إيجابيات فى التهجير، أيضاً مثل فرص التعليم والمدارس والجامعات والوظائف والمستشفيات، وكان على أدول أن يعرض ما يراه من مشكلات على النوبيين، وعلى المصريين جميعاً هنا فى مصر وليس فى أمريكا، ثم أين هو الاضطهاد الذى يتحدث عنه؟ أنا كموظف سابق أخذت درجاتى الوظيفية كاملة، بل كنت آخذ حوافز أكثر من أى زميل آخر لأنى أكثر إنتاجاً. ويتكئ الحاج حسين للخلف قليلاً وينظر للسماء ثم يقول : فى الثمانينيات أعطتنا الدولة أماكن فى منطقة كركر،وسافرنا وذبحنا الذبائح وزرعنا هناك الطماطم، ولكن انحسار منسوب المياه بعد ذلك دفعنا لليأس فأحضرنا الطلمبات وحاولنا الاستمرار إلا أن انحسار منسوب المياه أعادنا مرة أخرى إلى هنا، ولو استمر منسوب المياه مرتفعا كنا ظللنا هناك. ضحينا بالأرض لأجل الوطن ويدخل معنا فى الحوار الشاعر أحمد حسين شحات وهو ابن الحاج حسين فيقول : ومنذ متى كان التنوع الثقافى داخل الوطن الواحد من عوامل الانحطاط،بل العكس هو الصحيح وخاصة فى مصر التى انصهرت فى بوتقتها الثقافات والحضارات القديمة. وقبل أن يعقب أحمد على بيان حجاج أدول يقول: المسألة ببساطة أن الإنسان يدفع حياتة مقابل أرضه، وأهل النوبة دفعوا الأرض نفسها مقابل وطنهم الأكبر،نحن نعطى لمصر ونخلص لها بكل ما فينا من روح. ويتساءل أحمد حسين شحات عن هذه الدولة أو الهيئة أو الأفراد الذين أعطوا لحجاج أدول هذا التفويض ليتحدث باسم شعب مصر، ولا أقول الشعب النوبى لأنه ليس هناك شعب نوبى وشعب مصريا إنما هى مصر واحدة. وفى تناص معنوى يعقد أحمد مقارنة بين شخصيات رواية أدول وبين أدول نفسه فيقول : دعنا نحدثه بصوت ضميره ونقول له من أنت فى أشخاص رواية الكشر، هل أنت آر، كبو؟ أم أنت سما؟ أم أنت أشاتى؟ وإن كنت أحد هؤلاء، فأنت قد سقطت فى دائرة الحلم المظلم،ونحن نمد أيادينا إليك لتعود ابنا من أبناء هذا الوطن. وحول قصية التطهير العرقى التى يدعيها أدول يقول : إن هذا المصطلح خطير جدا،وهذا الكلام ليس له وجود فى مصر، ولم يتعرض النوبيون فى يوم من الأيام لحملة تطهير عرقى،بل إن أبناء مصر من النوبة يتمتعون بكامل حقوق المواطنة وبكامل الحقوق السياسية، إلا إذا كان أدول يعرف أكثر منا أن هناك قراراً سياسيا أو نصا دستوريا، ينص على استبعاد النوبيين من الوظائف والمناصب الكبيرة فى الدولة، وإن كانت لدى حجاج أدول وساوس من هذا النوع، فما يردعها هو أن الكثير من المناصب العليا فى مصر يشغلها نوبيون، ونستطيع أن نقدم له كشفا بالآلاف من أبناء مصر النوبيين الذين يشغلون أرقى الوظائف. أما عرفات حسين فيؤكد أن هموم النوبيين هى نفسها هموم كل المصريين بل نتحدث أن يثبت لنا حجاج أدول ما تحدث به عن العنصرية والاضطهاد. ويضرب عرفات مثلا لاحترام الدولة لمواطنيها من النوبيين فيقول: نحن لنا عادات وتقاليد ويوم أن قررت الدولة تهجيرنا أعطتنا منازل بديلة، وتم بناء البيوت والأحواش على نفس نمط القرية النوبية القديمة،أى أننا انتقلنا بتراثنا الإنسانى والمعمارى من مكان إلى آخر،ثم أن الحديث عن التفرقة العنصرية لا ينطبق علينا، فأنا أخذت فرصتى فى العمل كمدير مبيعات فى أحد الفنادق، مثلى مثل أى زميل آخر من خريجى كليات السياحة والفنادق، بل كنت مفضلا عن غيرى لدى جهة العمل. ثم يتساءل عرفات قائلا : كيف يصدر مثل هذا الكلام من شخص ينتمى لجلدتنا،إن هذا موقف شخص منتفع يجيد الأكل على كل الموائد،وإلا لما ذهب إلى مثل هذه المؤتمرات،ثم لماذا يستعدى الشعوب الأفريقية على مصر، وهو لو أراد أن يتعرف على أشكال الاضطهاد العنصرى فلينظر إلى الجنوب الأفريقى الذى يطالبه بالتدخل لحل مشاكلنا المذعومة، فالنوبيون هم آخر ناس ممكن أن ينجرفوا وراء تيار أدول أو غيره،فلم يحدث أن أبادت الدولة قرية نوبية واحدة، أو أدخلت النوبيين إلى المعتقلات لانهم من أصول نوبية. ويستكمل عرفات حسين حديثه قائلا : لا داعى لتلويث سمعة النوبيين سياسيا فتاريخنا معروف، وهو جزء من تاريخ مصر، ولا تقوم الدولة بمحوه، بل إن المرشدين السياحيين يشرحون تاريخ النوبة كجزء من تاريخ مصر. الزنجى الأمريكى يركب عربة النوبة ويفجر عرفات حسين قنبلة من العيار الثقيل حين يقول : إن العبث بالملف النوبى فى الخارج قديم بعض الشيء، فقد كان يحضر إلى مصر أمريكى يدعى دكتور بن، ويزعم أنه من أصل نوبى وكان يحضر معه مجموعات سياحية من الزنوج الأمريكان ويدعون أنهم من النوبة،ويقيمون معنا ويحضرون معهم الهدايا،وتقام لهم الاحتفالات - بحسن النية - وحين شعرت الدولة أنه يتخذ خطاً سياسيا معينا، ولا يأتى للسياحة منعته على الفور. ويلتقط خيط الحديث الحاج حسين شحات بركات ويفجر أسرارا جديدة عن الأمريكى بن فيقول: كان يحضر من أمريكا ومعه مجموعات كبيرة، يدعون أنهم من أصحاب الأصول النوبية، وكان يقول لهم إذا سألوكم عن أصولكم فقولوا لهم : انتم نوبيان، وأنت تعرف أن أهلنا طيبون ويصدقون بسرعة ما يحكى لهم، وكان هؤلاء يستقلون السيارات وينزلون فى مضيفة كبير ة فى دابود، ويحضرون معهم الهدايا والكتب والكراسات للتلاميذ، بل أنهم أرادوا بناء دورات مياه خاصة بهم، حتى لا يدخلوا دورات المياه فى البيوت، وكانوا يرددون دائما أنهم من أصل دابودى،وحاولوا أن يجعلوا من دابود معقلا لهم،واتضح لنا أنهم زنوج أمريكان من أصول أفريقية وليست لهم أدنى علاقة بالنوبة. ويضيف: عندما شعر أهلنا بالخطر أبلغوا الجهات الرسمية، وفوجئنا بأن هذه الجهات كانت تعرف عنهم وعن تحركاتهم أكثر مما نعرف،ولم يعد أحد يستقبلهم بعد أن عرفنا أن لهم أهدافا سياسية. أما مرغنى عبد الغنى بدوي- وهو أحد مؤسسى فرقة الفنون الشعبية بالأقصر- فيقول : عندما قرأت ما كتبه أدول ضحكت من كل قلبى، فإن كان هو مانديلا النوبة فأين قضى سنوات السجن والتعذيب والاضطهاد،ثم لماذا لا أكون أنا مانديلا وكل سمارة فى الدنيا مانديلا؟ هو الراجل دا ماله؟ لكن ميرغنى مدنى بعد وصلة الضحك والسخرية قال جاداً : لا أحب أن أسمع أن هناك من يتدخل فى تاريخنا وسياستنا وأوضاعنا الداخلية،لا الأمريكان ولا مؤتمرات أقباط المهجر ولا غيرها، فلا يوجد وصى علينا،والنوبة بها رجال يعلمون مشاكلها وأوضاعها، وهذه المشاكل لا تحل بالاستقواء بالخارج إحنا غسيلنا نظيف، والغسيل الذى نشر بالخارج ليس غسيلنا. وأقول له أنا راجل أعمل وكيلا لمدرسة فأين هو التمييز العنصرى الذى تتحدث عنه، وانت نفسك يا حجاج أعطتك الدولة منح تفرغ وتطبع لك كتبك،وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية، إذاً أين هو هذا الاضطهاد الواقع عليك شخصياً؟ أما محمد أبو القاسم مدير مطعم سياحي- فيقول : النوبيون سماهم صافية وقلوبهم صافية، ولهم طبيعة خاصة يحافظون عليها، ومحمد أبو القاسم يرفض الاستقواء بالمؤتمرات المشبوهة وبالدول الخارجية، ويرى أن مثل هذا التصرف لا يصدر عن أصحاب التصرفات النزيهة، ولكنه أيضا يرى أنه كشاب نوبى لا يعرف لغته النوبية أى شيء، ولا عن تاريخ النوبة الكثير، ويرى أن اختلاط الأنساب كان له الدور الكبير فى ذلك خاصة بعد التهجير. أما عن موضوع التعويضات فيقول : لو كانت هناك تعويضات فى وقتها مجزية لكن حالنا الآن أفضل بكثير وعليه فإن الدولة مسئولة عن دفع التعويضات المتأخرة والمتمثلة فى البيوت والأراضى والمزارع والسواقى والبهائم

قصائد قصيره الحسين خضيرى



قَصائد قصيرة ..
( 1 )
إن عانق
ظللك
في الأرض
ظلي
ونامت
بكفك
كفيَّ
ظلِّي .

( 2 )
قمرٌ
يؤرجحه غمامُه
قلب
يوزعه هيامُه
يا من أقمتِ ..
تحت جلدي
كيف وسعتكِ
مسامُه ..

( 3 )
سألقي سؤالاً
خُلِقَ الأحبةُ
في الكونِ
نوراً
لماذا على الأرض
تبقى الظلال
.............. ؟!

( 4 )
فيما تعلن
شُرْفَتُها
للكونِ
بدايةَ يومٍ
ملأت عيناها
كلَّ دهاليز القلب .

( 5 )
صلبةٌ
كأنها الحصى
عيون الذين ...
تسرق الصباحَ
تجرحُ المسا
..!!

( 6 )
تردين
على الحب
ألف بابٍ
وباب
هل يخنق الشمسَ
كلُّ هذا الضباب

( 7 )
على طريقتهِ
يصافح المودعين
نصف كلامه
.. .. القطار
وعيناه للحنين .

( 8 )
البحر نافذة
أمامي
البحر مخملنا
فنامي
البحر يُسْمِعُنا
صهيل الخيل
في دمنا الهلامي .

( 9 )
زيدوا قيودي
مثلما شئتم
قيوداً
اجعلوا ..
حتى الهواء الحر
في الأفقِ
سدودا
ستطيرُ من بلدٍ
إلى بلدٍ
عصافير القصيدة
.. !.

( 10 )
شاعرٌ
هذا الشجر
يكتب كل آونةٍ
قصيدة
ويفتحُ في دمي
شوارع للقمر .

( 11 )
قلبي وقلبك
كيف يلتقيان
هذا مُعَنًّى
وذاك ليس يُعاني .

( 12 )
في الصباح
تهيلُ على جرحها
ألفَ غيمة
في المساء
تطل من جرحها
ألفُ نجمة .
..!! .

( 13 )
حين لاحت
منك التفاتةْ
خفق قلبٌ
قلتُ : مات .

القاصة المصرية ابتهال الشايب مفاجأة الأمسية القصصية




أحيا نادي القصة في اتحاد كتاب الإمارات أيامه الثقافية في مدينة الأقصر المصرية للفترة من 18 - 22 بدعوة من نادي الأدب المصري في مدينة الأقصر التاريخية، وحفلت أيام الوفد الذي ترأسه القاص إبراهيم مبارك وعدد من أدباء الإمارات وأعضاء النادي من الأدباء العرب بمنهاج أدبي ثقافي سياحي احتفالي شعبي على مدار الأيام.
وكان برنامج هذه الأيام مكتظاً بالأمسيات الشعرية والقصصية والندوات الفكرية شارك فيه عدد كبير من أدباء الأقصر والقاهرة والإمارات وسوريا والعراق والسودان في وحدة أدبية جامعة قوامها التعرف على نتاج الآخر والتفاعل معه واكتساب الخبرات الفنية والثقافية بما يعزز أرصدة الجميع في تفاعل ثقافي حر عبر القصة والقصيدة في ندوات مفتوحة حضرها جمهور غفير كان فوق العادة، بما يشي أن مدينة الأقصر الأثرية هي مدينة ذات عمق حضاري وثقافي يتطلع سكانها إلى المزيد من مثل هذه اللقاءات المباشرة.
وبالمقابل فإن أدباء الإمارات قدموا الكثير من النتاجات القصصية والشعرية التي عبّرت عن قيم فنية مختلفة رصدت الواقع المحلي ومتغيراته السريعة؛ فالقاص إبراهيم مبارك وإن اكتفى بكلمته كرئيس للوفد وقد عبّر فيها عن تطلع ثقافي مستمر بين نادي الأدب في الأقصر واتحاد كتاب الإمارات.
لكنه أعرب عن رغبته في توقيع بروتوكول للتعاون الثقافي بين نادي القصة في الإمارات وهيئة قصور الثقافة في مصر بحيث ينظم هذا البروتوكول أوجه التعاون المشترك في النشر والأبحاث وعقد الندوات وتبادل الزيارات، وقدم مبارك درع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات إلى كل من اللواء سمير فرج، رئيس مجلس مدينة الأقصر، والدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة قصور الثقافة، والشاعر محمد جاد المولى، رئيس نادي الأدب في الأقصر.
وبدوره أهدى د.أحمد مجاهد إبراهيم مبارك درع هيئة قصور الثقافة، كما أهداه إلى الدكتور سمير فرج، والذي أهدى من جانبه ميدالية تذكارية من مدينة الأقصر لأعضاء الوفد الإماراتي، ثم زار وفد من المبدعين الإماراتيين والعرب مكتبة مبارك التي تعتبر الأكبر تخصصا في علوم المصريات، ومن خلال عرض «الكلتشرراما» استمتع الضيوف بومضات من تاريخ مصر والأقصر منذ عصر الدولة القديمة وحتى العصر الحالي.
وفي إطار المشاركات المختلفة لأعضاء الوفد كانت للسيد ناصر العبودي أكثر من مداخلة في الندوات المفتوحة، وتألقت الشاعرة الإماراتية الهنوف محمد في أمسيتين شعريتين وهي تقرأ مختارات من قصائدها لاسيما قصيدتها (عطش حسين) التي نالت إعجاب الحاضرين لتوريتها الاسمية.
فيما ذهبت القاصة الإماراتية عائشة عبدالله إلى قراءتين قصصيتين في أمسيتين مختلفتين أثمرتا عن تسجيل موهبة قصصية لفتت الأنظار إليها من خلال المداخلات النقدية التي أشار إليها بعض النقاد وكتّاب القصة، فيما كان القاص علي الحميري أكثر المشاركين حرصاً في الحنين إلى المكان القديم قبل أن يتغير بفعل عوامل الزمن ودخول التكنولوجيا الحديثة، وهو الآخر لفت الأنظار إلى قصصه التي قرأها .
وهذا ما أكده عدد من أدباء الأقصر والقاهرة الذين شاركوا في تقييم القراءات على أن القاصة المصرية ابتهال الشايب كانت مفاجأة الأمسية القصصية الأولى فقد كانت أصغر قاصة موهوبة (20 سنة) تعتلي خشبة المسرح وتقرأ أولى قصصها بثقة عالية!
القصيدة على ظهر النيل
الأدباء العرب الذين انضموا إلى الوفد الإماراتي كانت مشاركاتهم نوعية هي الأخرى لاسيما في القصة القصيرة، فالقاص إسلام أبو شكيّر نال الإعجاب بقراءته عبر مشاركتين قصصيتين وكذا الأمر مع القاص السوداني ناجي محمد نوراني الذي تمحورت قصصه في استكناه البيئة المحلية .
وهذا ما أشار إليه القاص سيد الوكيل من القاهرة الذي أدار الأمسية القصصية الأولى، فيما ذهب القاص وارد بدر السالم إلى قراءة النسق الثقافي في أرصفة دبي في محور المائدة المستديرة وعالمية المدن «دبي والأقصر»، أما الشاعرة العراقية كريمة كاظم فقرأت عدداً من قصائدها في أصبوحة شعرية حرص منظموها أن تكون على مركب صغير في نهر النيل!
وهذه الأصبوحة اجتذبت عدداً من شعراء مصر الذين تفاعلوا مع الجو الشاعري العام، فقدم أحمد فضل شبلول بعضاً من قصائده ومثله مأمون الحجاجي وحسين القباحي وفتحي عبدالسميع وبكري عبدالحميد ودرويش الاسيوطي.
كما استضاف «قصر ثقافة الطود» الوفد الإماراتي باحتفالية شعبية وغنائية وفي أمسية شعرية مختلطة قرأ فيها الشاعر المعروف محمد خربوش قصائد «الواو» المعروفة في الصعيد المصري وانضمت الإماراتية الهنوف محمد إلى هذا الجو الاحتفالي ببعض قصائدها بمشاركة واسعة من أدباء الأقصر منهم علية طلحة ومحمد جاد المولى ومحمود مغربي وأشرف فرج وبسام الشاعر ومحمد كامل ومحمد النوبي وآخرون.
سياحة حضارية
بين القصيدة والقصة احتفاليات تعددت في أمكنة مختلفة من مدينة الأقصر، ويمكن رصد الحرص الكبير من منظمي هذه الأيام؛ لاسيما الشاعر حسين القباحي؛ على أن تكون شاملة يكتنفها الطابع الشعبي لذلك كانت الأجواء مفتوحة على جمهور متعدد المشارب والاهتمامات في متابعاته اليومية لأنشطة الوفد الإماراتي، وترافقاً مع هذه النشاطات الأدبية كانت هناك نشاطات سياحية لا تقل أهمية عنها.
بل كانت في محور واهتمامات الوفد الإماراتي في زيارة المتاحف والبر الغربي العجيب بمقابره الملكية المدفونة تحت الجبال بعيداً عن فيضانات نهر النيل، وكانت هذه المقابر مثار اهتمام الوفد الذي اطلع على حقب تاريخية مختلفة من التاريخ المصري عبر بوابة الأقصر الأثارية، وربما كانت زيارة وادي الملوك هي الأكثر متعة وجمالاً وأهمية في معاينة النوع الثقافي الحضاري عبر الهندسة المعقدة لقبور الملوك الفراعنة.
الأقصر ـ وارد بدر السالم

الأحد، 1 فبراير 2009

جداريات اقصريه بقلم احمد فؤاد جويلى

ربما تجاهل المؤرخ الرسمي أسماء الشعراء الشعبيين الذين صاغوا نصوص الشعر التحريضي وتقدموا جيوش سقنن-رع ، ثم كاموس ثم أحمس في حرب التحرير التي بدأت من طيبة ، كما أننا لازلنا نجهل إسم الشاعر الذي صاغ أنشودة معركة قادش والتي دونها رمسيس الثاني علي معابده ، كما أنني أفتقد للدراسات التي تحدثني عن شاعر الفاتح العظيم تحتمس الثالث ومعاركه الحربية الكبري إذ دائماً ما يرتبط الحدث القومي بحدث أدبي كبير .إلا أن والدنا العظيم إخناتون يظل هو سيد الملهمين وسيد شعراء الإقليم الطيبي بأناشيده ومزاميره التوحيدية التي إستلهمها تحت ضوء شموع إحدي الغرف المقدسة بمعبد والده أمنحوتب الثالث المطل علي نيل الأقصر .وإذا كانت جداريات الجبانة الغربية في طيبة وبردياتها قد ألهمت العالم القديم بتصوراتها عن الوجود ، وبقصص التضحيات وقصائد الحب وألهمت الفن والأدب المعاصرين بمعجزة الواقعية السحرية ، فإنك توشك عندما ترفع حجراً قديماً أن تجد عليه نقش قصيدة كتبها أحد العمال من الحفارين في المقابر لحبيبته أو لأمه ليسري عن نفسه في إستراحة القيلولة ، قبل أن يعود لمواصلة عمله الشاق تحت صخور جبل القرنة .وتلك الليلة أترك شيللي يصف بشعره عظمة تمثال رمسيس الثاني المحطم بفناء الرمسيوم ، وأعود أدراجي لأرفع حجراً أو حجرين من خارج أسوار المعبد ..... وهنا لا أستطيع أن أضرب بجذور المشهد الشعري المعاصر في طيبة لأبعد من مدونات النصف الثاني من عقد الثمانينات في القرن العشرين قبل أن تكتشف التربة الطيبية عن مدونات السابقين لهم ، أو أجد علي السطح ما أهملت الإطلاع عليه من كتابات اللاحقين .والمشهد الشعري الطيبي لا ينفصل في الواقع عن المشهد الجنوبي المحيط به ، كما أنه لا ينفصل أيضاً عن الجذور الأدبية في المنطقة والتي كان لها تأثيرها غير المباشر في بتجلياته ، كما أنه لا ينفصل عن قضايا الأمة العربية التي أثرت فيه تأثيراً مباشراً .في هذا الوقت كان لابد من حراك ثقافي ، وكان لطغيان عبد الرحمن الأبنودي الشعري والإعلامي وقصائد الراحل أمل دنقل يستفزان إستقراري وجمال الطاهر " إبن أرمنت "، وكنا قد عدنا من سنوات الدراسة والكتابة بأسوان حيث كانت الحركة الأدبية علي أعلي مستوايتها في النصف الأول من الثمانينيات .. ثم دخلت الإنتفاضة الفلسطينية وأبطالها علينا من الأبواب والنوافذ وإستشهد " أبو جهاد " في تونس فإنطلقت القصائد - التي كنا نحسبها شعراً عظيماً في ذلك الوقت - وبحثنا عن نادي الأدب فلم نجده ....وهنا ظهر والد الحركة الأدبية الحديثة بالأقصر حسين خليفة الذي كان قد بدا شاعراً من شعراء العامية الذين إحتفي بهم فؤاد حداد في بابه الأسبوعي من مجلة صباح الخير ، لكنه وبمحض إرادته مزق بردياته الشعرية وصار حكاء بليغاً ويقوم بإهداء ما يصله من القاهرة من دواوين جاهين والأبنودي وحجاب وحداد ودنقل وقصص يوسف إدريس لأصدقائه ، ثم يتفرغ بعد صحبة قصيرة مع يحيي الطاهر عبد الله لكتابة القصة القصيرة .في هذا التوقيت ظهر سيد مسعود الأقصري الذي كان يكتب في كل شيء وأقام صالوناً أدبياً في فندقه الخاص لكن هذا الصالون رغم أفضاله علي مريديه لم يك يمثل طموح حركة شعرية جديدة فإعتزلته ومعي بعض الشباب منذ تأسيسه .ويسبق معرفتي بالصالون لقاء جمعني فيه حسين خليفة بشاعرين فقط يعرفهما قصر ثقافة الأقصر ، أحدهما يعزف الموسيقي ثم يلقي بعض مقاطع من نظمه وهو الأستاذ محمد المظلوم " تواري عن الحركة الأدبية سريعاً وثانيهما يكتب شعراً عمودياً صحيحاً وينحو نحو التحديث ويريد أن يقدم شيئاً حقيقاً وهو حسين سيد أحمد القباحي الذي صار من شعراء هذا الجيل المؤثرين بعد ذلك ، ولأن المجايلة تمكن للعلاقة الإنسانية والشعرية فقد فرحت بحسين القباحي بقدر فرحه بي وكانت قصائده تبيت عندي أراجع له فيها بناء النص الشعري ، وقصائدي تبيت عنده وعند عبد العزيز لبيب وعبد الرسول عبد الحاكم أيضاً لإصلاح عيوبها اللغوية التي لم أبرأ أبداً منها .. وكتب القباحي شعراً حراً وصارت قصيدة التفعيلة بالأقصر بجناحين ولكن غير قويين .. كما كانت هناك قصائد الشاعر النوبي أحمد حسين الشحات وبينما سيد مسعود الأقصري يصرف أمواله ببزخ علي المهتمين بالأدب طرأ له أن يقيم علي حسابه الشخصي مؤتمراً أدبياً في ذكري يحيي الطاهر عبد الله ، وكنت أشعر أن هناك ثمة خطأ ما ، فأين وزارة الثقافة من مؤتمر مثل هذا ؟ وحدث أن إلتقيت بالأستاذ محمد السيد عيد في إحدي الأمسيات الشعرية عام 1987م بسوهاج وطرحت عليه فكرة عقد مؤتمر شعري كل عام بالأقصر فأخبرني بضرورة إقامة نادي أدب بقصر الثقافة أولاً ثم يأتي المؤتمر بعد ذلك .وعدت بالفكرة التي تبناها رسمياً حسين مهران رئيس الهيئة في ذلك الوقت ومحمد السيد عيد ومعهم أدباء الأقصر وطاف حسين القباحي وأسامة عبد العاطي ومحمود عمران " من أرمنت " والحاجة أم نشأت وحسين خليفة وأنا علي الأدباء في بيوتهم ليكتمل نصاب النادي القانوني .وأنبه هنا إلي أن حديثي عن مؤتمر طيبة ليس منفصلاً عن المشهد الشعري لأن هذا هو المؤتمر الوحيد تقريباً الذي صنع أسماء لها قيمة شعرية .أو علي أقل تقدي جعل للأدباء الأقصر مكاناً علي خريطة الشعر في مصر خصوصاً بعدما حوله سمير فرج إلي مؤتمر عالمي .عندما نبشت الليلة تحت الأحجار المنسية خلف أسوار المعبد العتيق " قال الحفار " ظهرت نقوش وبرديات مدفونة لشعراء كبار فكسر فراج العيني عزلته الإختيارية والتي دخلها أغلب مثقفي اليسار في ذلك الوقت . وإسترد إيمانه مرة أخري بدور القصيدة المقاتلة التي يكتبها ونفض أحمد عبد القادر العشاوي غبار السنوات عن شعره العامي المنفرد الذي كتبه منذ عشرين عاماً ، وحمل حشمت يوسف قصصه ومشاغباته السياسية والفكرية وإحتل مقعده المفقود منذ عقد من الزمان وكسر أحزانه الغائمة ، الشاعر السبعيني عبد الكريم حجازي الذي كان متفرداً بتجريبه الواسع بين أقرانه وفتح مكتبته للجميع ( ويعيش حالياً في لندن ) .. لم يكتمل النصاب القانوني بعد لإقامة نادي الأدب .. ضم القباحي كفه اليمني علي جبهته وأطاح حسين خليفة بكراسة رسم كانت في يده ، ثم بدعوة ، منهما ومني حضر أباء القصيدة العمودية ، الراحلان الكبيران محمود منصور ومحمد عادل والأساتذة الأجلاء عبد العزيز لبيب وعبد الرسول عبد الحاكم وعز العرب عبد الحميد - أكثرهم إنتاجاً - والثلاثة كانوا ينشرون شعرهم في السبعينات ثم توقفوا .. ولم تمض أيام حتي حضر إلي النادي خطيب مساجد الأقصر ومنظر الحركة الإسلامية في السبعينات والسمانينات الشيخ الجليل أبو الوفا مجلي رحمة الله ناقداً وشاعراً وباحثاً ثم مأذون الأقصر وسيد قصيدتها العمودية في ذلك الوقت الشيخ أبو الوفا الشرقاوي إبن الكرنك( هنا تساقط غبار التربة الطيبية علي أصابع الحفار وأدركت أنني أهملت حجراً مسكوناً بسر الشعر أوشك علي السقوط في الحفرة العميقة دون أن يشعر به أحد ).فقبل أن يصعد هؤلاء الكبار إلي المشهد الشعري تصدر جيل الشباب الذي حملوا حيرتهم الشخصية والوطنية والشعرية في أوراق كانت كافية لتقول لنا : أنهم هنا ( محمد جاد المولي بقصائد قليلة - في مشروعه الشعري - كثيرة في عطائها وأتصور أنه لو أعطي وقته لشعره كما يعطيه للآخرين لإكتمل له مشروعاً شعرياً مهماً في حركة جيل التسعينات .وأسامة البنا الذي حسم أمره مبكراً بإختيار العامية طريقاً لكتابتة قصيدة قارئاً لكل ما يقع تحت يده من الأدب الحديث والقديم ثم مجرباً جاداً ومثقفاً يعرف ما يكتبه ، ود. زين العابدين الطاهر الذي أصدر ديواناً ثم تفرغ لتخصصه في أحد علوم طب الأمراض المستوطنة وهاجر إلي أمريكا وهو الذي إقترح إطلاق إسم طيبة علي مؤتمرنا السنوي ، ثم إلتحق بهم مأمون الحجاجي الذي كان قد سبقهم إلتحاقاً بالحركة الشعرية في سنوات الجامعة ببني سويف والذي طورها إحتكاكه الدائم بالحركة الشعرية بالقاهرة فأمد تجربته بأكثر من رافد ثقافى.ثم إلتحق بهم بعد سنوات أشرف فراج الذى كنا نعده من الشعراء النابغين فى هذا الجيل قبل أن يقرر إهمال نصه الشعرى دون مقدمات معقولة ، وبكرى عبد الحميد الذى لا تفهم هل تسبق ملامحه قصيدته الجادة أم تسبق قصيدة ملامحة الجادة ؟والذى لا يبتسم أبدا إلا بعد أن ينشدك قصيدته العامية الجديدة المتميزة ، ثم الحسين خضيرى الذى تفوق لغة وعروضاً وتجربة على العشرات من الأسماء التى نقرأ لها ، ولكن خلقه وأدبه يمنعانه دائما من الحديث عن أدبه وشعره من أن يضع نفسه فى كبار شعراء الجميع . وفى هذا الطريق بدأت تتضح معالم حركة شعرية أقصرية زاد من توهجها الإحتكاك الدائم بشعراء نجع حمادى الذى سبقنا بعضهم تجربة ونشراً ( عبد الستار سليم وعزت الطيرى ) وشعراء قنا وقوص وأرمنت على وجه الخصوص ( رمضان عبد العليم - ومحمد العمدة - محمد كامل - جمال الطاهر )وسافرنا بأوراقنا إلى القرى القريبة والبعيدة ، والذى لا أنكره - يجب أن ينكره غيرى - أن النتاج الشعرى فى هذه المرحلة وربما لوقت طويل بعد ذلك كان إعادة إنتاج لكتابات أخرى سواء من داخل لمجموعة نفسها أو من الدواوين الشعرية التى كنا نتبادل إستعارتها.فى صمت إحدى أمسيات الحفارين صرخ أحد العمال وأشار إلى تذكار منقوش فى أسفل قاعدة مسلة يومض فيخطف العين ويغيب رويداً .. وجاء حسين خليفة بمخطوط ديوان الزجال المصرى الكبير ( الأمير سليم البياضى) الذى تسيد فن الزجل فى صعيد مصر فى الأربعينيات من القرن الماضى ،وعند محاولتى التنقيب عن باقى مخطوطاته عرفت أن بعض أفراد أسرته قد أحرقوها عقب وفاته فى فرن خبيز العيش ، وكانت إحدى عادات الصعيد السيئة والتى عاصرناها إحراق بعض مقتنيات من يرحل مثل الملابس والأوراق غير الرسمية والتذكارات الشخصية ، ربما لإعتقادهم أن وجود مثل هذه البقايا يقلق روح المتوفى ، بينما هو فى الحقيقة يقلق أرواح الذين يرثون الحياة من بعده وتألمهم الذكرى .لم نك نحتاج لحفارين ومكتشفين حين حضر إلي المشهد الشعرى صديق آباء أدب الجنوب الثلاثة وهو الأستاذ منتصر أبو الحجاج الذى أدهشنا بصخبه وشعره العامى الستينى، وأخذ يحدثنا عن آباء الآباء وعن الشاعرين الكبرين الشيخ الأبنودى الأب والأستاذ فهيم دنقل والد أمل ، ثم يغيب منتصر أبو الحجاج ليعود مرة أخرى مشاغباً يعرف ماضى المدينة وعائلات القرى ويقرأ الكف ويرمى الودع ويكشف بنثره وشعره خفايا طرق المدينة الخلفية ويعلو صوت النقاش بينه وبين حشمت يوسف ، ولا نعرف من منهما على حق وهل تم هدم أبواب الحارات قبل الثورة أم أيام الإحتال الفرنسى ؟ ويخفى الإثنان عن المجموعة حقيقة ما يعرفانه عن تشكيل الإتحاد الإشتراكى وهنا يبتسم أحمد عبد القادر العشاوى أحد المؤسسين لهذا الإتحاد ويقول : إسالونى أنا.وإذا كان البحث عن الشاعر الذى دون ملامح تحتمس الثالث قد أعيانا فى أن البحث عن الشاعر الكلاسيكي الكبير على العديسى كان ميسوراً بعض الشيء فهو من مؤسسين للجماعة الشعبية فى قنا وكانت تتبعها الأقصر فى ذلك الوقت، وهى المؤسسة التى تخرج منها كبار شعراء مصر بعد ذلك .وعلى العديسى هو إبن أحد البيوت الضاربه فى جذور الوطنية المصرية وهو شقيق أحد مؤسسى تنظيم الضباط الأحرار الآوائل الصاغ عبد المنعم العديسى التى إستشهد مع البطل أحمد فى حرب فلسطين وقد أطلقت الثورة إسمه على أهم شوارع مدينة الأقصر .وإن كان علي العديسي قد قام بالدور المؤسسي للشعر في الإقليم فإننا نجد جدارية قد حطمتها يد العمال علي غير قصد ، ونقرأ إسم الشعر والمثقف الأقصري الكبير عمر عبد العزيز .. ويحدثني عنه أحد الحفارين البارعين وهو أستاذ علم السياحة الدكتور عبد الحميد يحيي قائلاً : كان عمر عبد العزيز هو المدرسة الشعبية التي كنا نهرب من المدرسة الرسمية إليها في الأربعينات ، فقد كان يقف أمام حانوته بالمنشية - وعلي طريقة الهايد بارك - يلقي شعره وخطبة في العابرين ، ويجتمع إليه كل ليلة أكابر أهل المدينة وعمد مشايخ القري وصعاليكها ، وكان يتكلم في السياسة والتاريخ والفن الشعبي وعروض الشعر .. ولكن لأن الجدارية قد تحطمت فلن نعثر علي شعره ولم تفسر لنا النقوش المتآكلة نهاية الرجل الغامضة عندما ترك المدينة وسار جافي القدمين قاطعاً الصحراء الجنوبية وحيداً إلي أن عثروا عليه ميتاً علي حدود السودان أثناء حرب 1956 .وأعود لشهر أبريل 1988م حين غادرت إلي القاهرة ثم بعد سنوات غادر حسين القباحي إلي الأمارات حيث مكث فيها معلماً وشاعراً مصرياً مؤثراً في الأدب الخليجي ، وعدت بعد سنوات طويلة عندما تغير المشهد الشعري القاهري وإخترت العزلة بعد أن وجدت أن المشهد كله يوشك أن يتغير فأخرجتني من عزلتي قصائد الشاعر الشاب سيد العديسي الذي يحمل في ملامحه وشعره طيبة الأرض وسمارها وميراث هموم الأجداد في لهجة لم تتفلت من لهجة الجذور وشكل شعري ينحو نحو التجديد ، وما لبث أن حمل أوراقه وغادر إلي محافل أكثر صخباً وإتساعاً في العاصمة .وفي سنوات الإعتزال الإختياري كان مأمون الحجاجي يسطو علي شاعرة العامية آمال منصور فتعشق شعره وتترك شعرها لإختياراته وبإقترانهما أنجبا أحلي قصائدهما ( أحمد ومحمد وزينب ) حفظهم الله ، بينما تألقت علي الجدارية أسماء : محمد جاد المولي - أسامة البنا - جمال الطاهر - الحسين خضيري - بكري عبد الحميد ثم من بعدهم أحمد عابدين وأدهم وسمبل وأسامة الشريف وأحمد الجمل وسيد المصري ، ثم الضوي محمد الضوي الذي أدهشني تماماً بشعره وثقافته سنوات عمره التي يبدأ معها دخول الجامعة هذا العام ، ومنذ ساعات أهداني الشاعر الأستاذ عز العرب عبد الحميد قصيدتين لطالب الطب مصطفي جعفر عثمان فشعرت من القراءة الأولي أنني وأخواني علينا أن نعيد حساباتنا مرة أخري فهؤلاء الشباب مصطفي جعفر عثمان والضوي محمد الضوي وغيرهما ضربوا الحائط مقولات اليائسين حول إنتهاء دور الشعر ، وموت القصيدة المقاتلة في وجه القبح .هل إنتهي المشهد ؟ وهل إنفض غبار الأحجار عن ملابسي قبل أن أعيد قراءة رباعيات الشاعر غطاس حبيب الهانيني التي تحمل منذ السبعينات رؤاها الفلسفية والإنسانية الرائعة وقصائده التي تنساب في المشهد الشعري الأقصري كالتنويم المغناطيسي المسالم .وهل أنفض الغبار وأتناسي كما يحدث دائماً - شقيقي إيهاب فؤاد الجويلي الذي يكتب الأغنية منذ منتصف التسعينات - والأغنية فقط يلقيها شعراً بين أقرانه في نوادي المدينة أو يغنيها لهم ، وهنا يستدعي المشهد الشاعري سمير ذكي الذي خرج من عباءة مؤتمر طيبة ليكتب الأغنية ويهاجر بها إلي العاصمة حيث غني له مطربوها .والآن قبل أن ألحق بالشاعر العظيم شيللي والذي تركته يقف تحت تمثالي ممنون بعد أن ألهمه الرمسيوم أحلي قصائده ، لا أستطيع أن أغلق المشهد دون الحديث عن الشاعر محمد النوبي الوريث الشعبي لفن المربع الشعري ، والذي يقف بشعره خارج المشهد الرسمي ربما لأنه لا يريد سوي أن يقول مربعاته الشعرية ، وهناك بين الجبل والماء في الطود والعديسات مع أهله الطيبين ، مثله في ذلك مثل الشاعر العامية عبد المريد العبادي الذي يظهر في مطلع كل حول قمري يلقي علينا قصيدة ثم يغيب عند حافة الجبل الشرقي للأقصر مثل أسلافه الطيبين من قبيلة العبابدة الذين يسكنون صحراء وجبال البحر الأحمر ويأنسون بصدي أصوات أسلافهم يتردد بين جنبات الجبال العالية .هل إنتهي المشهد الشعري ؟ وهل من الممكن أن أتجاهل مثلما تتجاهل الثقافة الرسمية الشعراء الشعبيين والذين يأتي في مقدمتهم الشيخ أحمد أب بريم مداح الحضرة النبوية الشريفة ، والذي كان ينشدنا في المولد النبوي وفي مولد سيدي أبو الحجاج لساعات طويلة من مؤلفاته وتداعياته حتي يقيم مجالس الذكر ويقعدها ؟ وهل من الممكن أن أتجاهل سيد الضوي أحد رواد السيرة الهلالية في جنوب مصر والذي عرفه مثقفو الأقصر وصاحبوه في جولاته ولياليه .لا تزال الحفائر تحتاج لمن ينقب فيها ، والجداريات والصفحات لا تتسع إلا لملف شعري ربما يري فيه القاريء بعض مشهد الشعر الأقصري ، أو بصحيح العبارة مشهد الشعر المصري بما له وما عليه ، وأتصور أنني قدمت مشهد لحركة أدبية وإجتماعية وثقافية يقترب كثيراً أو يبتعد من المشهد نفسه في أغلب مدن وقري مصر ، وإن كان سيدي القاريء الكريم يري أنني قد جاملت أصدقائي في تقديمي لهم فعذري في ذلك أنني أراهم هكذا وأنني أقدم ما أحس به ، وللتاريخ والنقد الأصيل كلمة الفصل في النهاية