أجري الحديث ـ محمد بركة
الشاب الأسواني الأسمر النحيل الذي التقيته في صيف1994 ورأيته يتعثر خجلا وسط الفائزين في أولي مسابقات جريدة أخبار الأدب للقصة القصيرة, ها هو يعود إلي القاهرة هذه المرة ليتلقي جائزة الدولة التشجيعية, واثق الخطوة, في عينيه نظرة انتصار وفي جعبته7 كتب منشورة! أحمد أبو خنيجر ـ القاص والروائي والمؤلف المسرحي والباحث ـ يحاول في أعماله اقتناص رائحة الخصوصية التي يضوع بها إقليم الجنوب في مصر, يبحث لصوته عن مساحة ونبرة تميزانه عن الأجيال السابقة التي ارتبطت مشروعها بأجواء الصعيد مثل محمد مستجاب ويحيي الطاهر عبد الله, كما يدافع بكل شراسة عن حق الموهوبين في الأطراف والأقاليم عن الوجود في بؤرة الضوء التي يحاول البعض أن يجعلها مقصورة علي أبناء العاصمة فقط! لهذا ولغيره أحدث فوز أبو خنيجر بالجائزة عن روايته نجع السلعوة ارتياحا في الوسط الأدبي وتمتم الجميع في نبرة واحدة: أحمد يستحقها. ما المعني الخاص وراء فوزك بالجائزة من وجهة نظرك؟ ككاتب أنت في حاجة من وقت إلي آخر إلي شيء يؤكد لك أنك تسير في الاتجاه الصحيح, كما أن الجائزة تكسر احتكار أبناء العاصمة وتفتح الباب أمام أبناء الأقاليم الذين مازالوا يعانون من هذه التفرقة السخيفة بيين أدباء العاصمة وأدباء الأقاليم, ويتجلي ذلك في المؤتمر المخصص سنويا لأدباء الأقاليم ثم السلسلة التي خصصت أخيرا لهؤلاء الأدباء, ومع افتراض حسن النية, فإن هذه السلوك يكرس لهذه التفرقة ويظهر شريحة ضخمة من أدباء مصر علي أنهم أدباء درجة ثانية! لكن هناك خصوصية ما تتجلي في كتابتك وتعود إلي ميلادك في أقصي نقطة في جنوب مصر؟ أنا أعتبر أن حالة المدينة في مصر لا توجد إلا في القاهرة والإسكندرية, أما الباقي فهو إما ريف بحت أو تنويعات علي الريف, وعموما فإن التنوع في الخلفية الجغرافية بين المدينة والريف والساحل والصحراء مهم جدا لأنه يساعدنا علي تفادي سيادة ذوق واحد. وماذا عن أسوان تحديدا؟ أسوان التي يعرفها أغلب المصريين مع الأسف هي أسوان المزارات السياحية وكروت البوستال, وليست أسوان البشر بأوجاعهم وهمومهم وتقاليدهم الخاصة التي تمنع جلوس السيدات في الميكروباص علي نفس المقعد الذي يجلس عليه الرجل, ليس غراما بفكرة الفصل بين الجنسين ولكن تقديرا لمقام المرأة وعدم الرغبة في بهدلتها في المواصلات العامة. في نجع السعلوة نموذج قاس للتهميش الذي يتعرض له أحد نجوع أسوان لكن يبدو أن الأمر يخلو من المبالغة الروائية؟ بالفعل, فالنجع معزول تماما ولا تربطه بالعالم الخارجي أية صلة, ولا تعرفه الحكومة, إلا حين تحتاج شبابا للتجنيد الاجباري فتسوق الفتية الصغار عنوة إلي حرب لا يعرفون شيئا عن أسبابها أو أهدافها, وتخرج النساء للصراخ والعويل, هذا النموذج واقعي100%, فقريتي الرمادي قريبة من سد أسوان الذي انشأ عام1930 ليضيء القاهرة لكن الكهرباء لم تدخل هذه القرية إلا في الآونة الأخيرة وأصبح لدينا الآن المكواه والتلفاز والطرق المرصوفة, ورب ضارة نافعة, فموجة الإرهاب والتطرف الديني هي التي جعلت الحكومة تلتفت بجدية إلي ملف تنمية الصعيد وكأننا كنا في حاجة إلي مصيبة كي تفيق الحكومة وتهتم بنا نحن أبناء أقاصي الجنوب! كيف تري علاقة النقاد بنصوصك؟ وأين هم النقاد؟ إنهم إما أكاديميون يحبسون أنفسهم داخل أسوار الجامعة والظواهر القديمة المستقرة أو نقاد صحفيون يتحركون في ضوء المصالح والتربيطات أو نقاد الثقافة الجماهيرية الذين يكررون نفس الكلام في كل المؤتمرات! لكن الراحل الدكتور علي الراعي قدمك بشكل جيد علي صفحات الأهرام دون معرفة شخصية؟ لم يكن ذلك سوي حالة استثنائية. هل يمكن وضعك مع أشرف الخمايسي وعصام راسم فهمي وأسماء هاشم ومحمد صالح البحر في سياق جيل جديد من كتاب الجنوب لهم سمات مميزة؟ فكرة أن الجنوب يجمعنا لا تعني بالضرورة وجود قواسم مشتركة, ولكنك يمكنك أن تتحدث عن فكرة المشهد البصري والهموم اليومية والتفاصيل البسيطة وغياب القضايا الكبري كسمات عامة في جيل التسعينيات ككل. البعض يضعك في سياق واحد مع يحيي الطاهر عبد الله, باعتبارك لم تخرج حتي الآن من جلبابه؟ لا يقول هذا سوي النقاد المتكلسين الكسالي الذين لا يريدون أن يرهقوا أنفسهم في الاشتغال الجاد علي الظواهر الجديدة وهم نفس النقاد الذين ما أن يظهر شاعر عامية في الصعيد حتي يضعوه في سياق عبد الرحمن الأبنودي* أبو خنيجر في سطور مواليد قرية الرمادي غرب نيل أسوان.1967 مجموعات قصص: حديث خاص عن الجدة.1995 غواية الشر الجميل.1998 روايات: نجع السلعوة.2001 دراسات: الطرق الصوفية في أسوان ـ دراسة ميدانية. كان ياما كان ـ دراسة في الحكاية الشعبية. |
0 اكـتب تــعليــقـك على الموضوع:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك بدون تسجيل