هو قام من النوم .. فرك عن عينيه تلك المساحات الصغيرة واللزجة من الأصفر الدقيق .. ركز حدقة العين في اتجاه افقى على النتيجة المشنوقة على الجدار .. المسافة ما بين حدقة العين والنتيجة تهتز ، وتعيق عملية الرؤية الكاملة .. دعك عيناه بقوة .. لما انمحت ضبابية الأشياء ، وصلت المعلومات إلى المخ بأن اليوم هو " الأربعاء " .. بعد تناوله للإفطار ، وفى الطريق سأله رجل عن اليوم فقال " الأربعاء " .. قاطع حديثهما رجلاً آخر ، وأضاف بأن اليوم هو " الخميس " .. تبادل الاثنان محاولات الإقناع .. انتهى حديثهما ولم يتخل أحدهما عن رأيه .. هو مقتنع تماماً بأن الرجل الآخر به لوثه في عقله .. مشى قليلاً وليتأكد في نفسه من لوثة الرجل ، أخذ يسأل عن اليوم .. لكن الناس كلها كانت بها تلك اللوثة .. أخذ يضحك ويصدر عن تلاقى كفيه ذلك الصوت الضخم ، والذي يحدث عند الاندهاش الشديد والمفاجىء .. بإيعاز داخلى من المناطق المحتاجه ، توجهت قدماه إلى البقال ، وطلب علبة سجائر .. أخرج الحافظة وفتح السوسته الداخلية .. كانت النقود منكمشة محنية الآطراف .. بطرف سبابته ، وعيناه وانتباه كامل من مخه أثناء العد .. وصله أن الراتب كامل فضحك .. ضحك على المجانين بيوم الخميس .. لو أن اليوم كما يقولون لنقص الراتب ، ولو جنيه ثمن مواصلات الرجوع .. هذا إذا اعتبر أنه صام هذا اليوم ولم يأتيه مغرب للأفطار .. قبل أن يمشى سأل البقال عن اليوم .. ضحك كثيراً ولم ينسى ان يضم البقال إلى قائمة المجانين .. حمد الله ان السجائر لا يوجد وسط تبغها حطب ، وانها لا تدخل الهواء مع الأنفاس ، وأنها لا يمكن ان تقول أن اليوم هو الخميس .. حتى فى "الميكروباص" أصر الجميع أن اليوم هو "الخميس" ، وعدم مجىء أحد إلى العمل – وفى هذا اليوم -
يعنى – لهم بالطبع – أن اليوم هو أجازة" الخميس" الرسمية .. لكن الجميع يمكنهم أن يشتركوا فى الكذب الجماعى، هذا ما تأكد منه عندما كان ذاهباً إلى موقف " القللى " فى القاهرة، من الصباح إلى المساء مروراً بالتحرير والعتبة والموسكى والفجالة ورمسيس – ثلاث مرات – على ارشادات الناس عن مكان الموقف ، كاد يسقط – يومها – من إعياء تشكل على ملامح بدنه .. بعد ان كلت قدماه وغرق سرواله ونصفه العلوى فى عرق كثيف قرر الجلوس وركوب القطار .. لكنه لاحظ أن الشارع الذى يظل على النفق يمتلىء بالعربات 00 سأل فقالوا أنه موقف "القللى" .. هذا يعنى أن فراسته هى التى قادت قدماه إلى الموقف ، والجميع يقولون أن اليوم هو الخميس، وفراسته تقول الأربعاء .. لكن كيف يمكن أن يأتى الأربعاء والخميس فى يوم واحد؟ ! .. اذا جرح مثلاً فى هذا اليوم، الذى هو الاربعاء ماضيهم وحاضره، هل سيجرح يوم الخميس ؟ باعتبار أن الخميس مستقبله وحاضرهم .. هل سقط منه يوماً من أيامه ؟.. بالأمس قبض راتبه ووضعه كاملاً فى سوستة المحفظة ، وصرف آخر جنيه من القبض القديم على مواصلات الرجوع .. دخل البيت وفك الحزام القارص على البطن والمحدد لطول الأنفاس .. قلع البنطلون العرقان فيه مكان الحزام .. لبس جلبابه البيتى وشرب الشاى ونام .. كيف يقوم الخميس ؟ ولو نام ليلتين بيوم لصحا، وبص فى الساعة ، وقام ولو فى نصف النهار .. ترك تفكيره وتوجه إلى المقهى وجلس و شرب كوب شاى .. أعطى لصبى المقهى ثمن الكوب .. أخرج جنيهاً وسأل الصبى عن اليوم فقال "الخميس" .. دفس الجنيه وسط زحمة أخوته ، وقال للصبى " لو قلت الاربعاء لمنحتك الجنيه " .. أقسم الصبى بأن اليوم هو الأربعاء ، وأن نتيجة المقهى والناس والتلفزيون كاذبون فأعطاه الجنيه .. قام إلى بيته وفتح التلفزيون .. حين وصله قول المذيعة بأن اليوم هو الخميس .. قفل التلفزيون .. توجه ناحية النتيجة وقطع ورقة الاربعاء .. تناول طعامه وقال تناولت طعاماً فى الغد وضحك ، شرب الشاى وقال .. شربت شاياً فى الغد وضحك .. حتى عندما استيقظ قى اليوم التالى ووصلت إلى أذنه تكبيرات الجمعة قال " انهم يصلون الجمعة فى الغد القادم " .. وواصل النوم .
يعنى – لهم بالطبع – أن اليوم هو أجازة" الخميس" الرسمية .. لكن الجميع يمكنهم أن يشتركوا فى الكذب الجماعى، هذا ما تأكد منه عندما كان ذاهباً إلى موقف " القللى " فى القاهرة، من الصباح إلى المساء مروراً بالتحرير والعتبة والموسكى والفجالة ورمسيس – ثلاث مرات – على ارشادات الناس عن مكان الموقف ، كاد يسقط – يومها – من إعياء تشكل على ملامح بدنه .. بعد ان كلت قدماه وغرق سرواله ونصفه العلوى فى عرق كثيف قرر الجلوس وركوب القطار .. لكنه لاحظ أن الشارع الذى يظل على النفق يمتلىء بالعربات 00 سأل فقالوا أنه موقف "القللى" .. هذا يعنى أن فراسته هى التى قادت قدماه إلى الموقف ، والجميع يقولون أن اليوم هو الخميس، وفراسته تقول الأربعاء .. لكن كيف يمكن أن يأتى الأربعاء والخميس فى يوم واحد؟ ! .. اذا جرح مثلاً فى هذا اليوم، الذى هو الاربعاء ماضيهم وحاضره، هل سيجرح يوم الخميس ؟ باعتبار أن الخميس مستقبله وحاضرهم .. هل سقط منه يوماً من أيامه ؟.. بالأمس قبض راتبه ووضعه كاملاً فى سوستة المحفظة ، وصرف آخر جنيه من القبض القديم على مواصلات الرجوع .. دخل البيت وفك الحزام القارص على البطن والمحدد لطول الأنفاس .. قلع البنطلون العرقان فيه مكان الحزام .. لبس جلبابه البيتى وشرب الشاى ونام .. كيف يقوم الخميس ؟ ولو نام ليلتين بيوم لصحا، وبص فى الساعة ، وقام ولو فى نصف النهار .. ترك تفكيره وتوجه إلى المقهى وجلس و شرب كوب شاى .. أعطى لصبى المقهى ثمن الكوب .. أخرج جنيهاً وسأل الصبى عن اليوم فقال "الخميس" .. دفس الجنيه وسط زحمة أخوته ، وقال للصبى " لو قلت الاربعاء لمنحتك الجنيه " .. أقسم الصبى بأن اليوم هو الأربعاء ، وأن نتيجة المقهى والناس والتلفزيون كاذبون فأعطاه الجنيه .. قام إلى بيته وفتح التلفزيون .. حين وصله قول المذيعة بأن اليوم هو الخميس .. قفل التلفزيون .. توجه ناحية النتيجة وقطع ورقة الاربعاء .. تناول طعامه وقال تناولت طعاماً فى الغد وضحك ، شرب الشاى وقال .. شربت شاياً فى الغد وضحك .. حتى عندما استيقظ قى اليوم التالى ووصلت إلى أذنه تكبيرات الجمعة قال " انهم يصلون الجمعة فى الغد القادم " .. وواصل النوم .
0 اكـتب تــعليــقـك على الموضوع:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك بدون تسجيل